منطقة فرنسية تتحول إلى دولة… ماذا يحدث في كاليدونيا الجديدة؟

في تطوُّر لافت قد يُعيد تشكيل العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة، توصَّلت باريس والقوى السياسية في كاليدونيا الجديدة إلى اتفاق جديد يُمهّد لتحويل الأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ إلى “دولة ضمن الجمهورية الفرنسية”، في خطوة تاريخية اعتُبرت بمثابة حل وسط بين مطالب الاستقلال الكامل، والارتباط العضوي مع فرنسا.

وبعد عشرة أيام من المفاوضات المغلقة التي عُقدت في بلدة بوجيفال قرب العاصمة الفرنسية، توصّل الطرفان إلى اتفاق وصفه مشاركون بأنه “تاريخي” و”مصيري”.

الاتفاق الذي حمل عنوان “اتفاق حول دولة نيو كاليدونيا” يضع أسس نظام سياسي جديد يمنح الأرخبيل وضعًا قانونيًا غير مسبوق، مع حكم ذاتي موسّع واعتراف به كـ”دولة” داخل إطار الجمهورية الفرنسية.

 حكم ذاتي وجنسية مزدوجة

رغم عدم الإعلان الرسمي عن كافة بنود الاتفاق، فإن ما تسرب حتى الآن يشير إلى تحول كاليدونيا الجديدة إلى “دولة ضمن الجمهورية الفرنسية”، مع احتفاظها بروابط سيادية مع باريس، أبرزها الدفاع والعملة والسياسة الخارجية.

كما ينص الاتفاق على إدراج الوضع الجديد في الدستور الفرنسي، إنشاء جنسية كاليدونية إلى جانب الجنسية الفرنسية.

ومنح البرلمان المحلي صلاحية طلب نقل بعض السلطات السيادية من باريس، بما في ذلك مجالات الدفاع والأمن والقضاء.

نقل العلاقات الخارجية فورًا إلى الحكومة المحلية، وإبقاء مبدأ “حق تقرير المصير” قائمًا بموجب القانون الدولي.

من الاستفتاءات إلى الاستقرار السياسي

الاتفاق يأتي بعد ثلاث استفتاءات شهدها الإقليم في أعوام 2018، 2020، و2021، رفض خلالها السكان الاستقلال عن فرنسا، وسط انقسام سياسي حاد بين مؤيدين للبقاء ضمن فرنسا ومعارضين يطالبون بالاستقلال التام.

غير أن الاتفاق الأخير لاقى ترحيبًا من كافة القوى الرئيسية، بما في ذلك ائتلاف “الموالون” وحزب “التجمع”، الذين اعتبروا الاتفاق “انتصارًا للإرادة الشعبية” و”فرصة لإعادة فتح السجل الانتخابي” لفئات سابقة حُرمت من التصويت.

“تنازلات مؤلمة”

وزير الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، مانويل فالس، قال في تصريحات لصحيفة لوموند إن “الاتفاق يمثل أساسًا جديدًا من أجل ضمان الاستقرار السياسي وإعادة بناء كاليدونيا الجديدة اقتصاديًا واجتماعيًا”، مشيرًا إلى أن “جميع الأطراف قدّمت تنازلات مؤلمة من أجل الوصول إلى هذه التسوية”.

بدوره، قال النائب المناهض للاستقلال نيكولا متزدورف إن المرحلة القادمة مخصصة لإنعاش الاقتصاد، واصفًا الاتفاق بأنه “نهاية مرحلة الصراع السياسي، وبداية عهد جديد من البناء”.

من الشغب إلى الإستقلال

الاتفاق يأتي أيضًا في ظل تداعيات أعمال الشغب التي اندلعت في مايو2024، والتي أسفرت عن مقتل 14 شخصًا وتسببت في خسائر مادية تفوق ملياري يورو، خصوصًا في قطاع النيكل الذي يُعد العمود الفقري لاقتصاد كاليدونيا.

الاتفاق الجديد يتضمّن خطة إصلاح اقتصادي شاملة، تُركّز على إعادة هيكلة قطاع النيكل، وخلق فرص عمل، وتوفير الاستقرار الاجتماعي في الإقليم.

“دولة معترف بها دوليًا”

بحسب مصادر خاصة نقلتها وكالة فرانس برس، فإن الاتفاق يتضمن بندًا يمهّد لاعتراف المجتمع الدولي بـ”دولة كاليدونيا الجديدة”، على أن يتم تثبيت ذلك دستوريًا عبر تصويت البرلمان الفرنسي في قصر فرساي خلال الربع الأخير من العام، يتبعه استفتاء محلي في الإقليم للمصادقة النهائية.

وقال زعيم حزب “كاليدونيا معًا”، فيليب غوميز، إن الاتفاق “يمنح أملاً ببداية جديدة”، مشيرًا إلى تأجيل الانتخابات الإقليمية إلى ما بعد التصويت على الاتفاق.

اقرأ أيضًا: أمريكا تهدد لبنان بالعودة إلى بلاد الشام… ما علاقة سلاح حزب الله؟

زر الذهاب إلى الأعلى