نبوءة “جوج ومأجوج” تُعود للواجهة.. هل تستعد إسرائيل لصدام مقدس مع إيران؟

في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، بدأتْ أوساط دينية وسياسية داخل إسرائيل تروِّج لرواية عقائدية مستندة إلى نصوص توراتية قديمة، تُعرف بـ”نبوءة جوج ومأجوج”.

وتُقدَّم هذه النبوءة كخلفية روحانية لمعركة كبرى قد تقع في “نهاية الأزمنة”، وتُظهر إيران في صدارة العداء للكيان الإسرائيلي.

جوج ومأجوج استدعاء نبوءة توراتية قديمة

وفق تقارير تعتمد هذه السردية على ما ورد في سفر حزقيال، وتحديدًا في الإصحاحين 38 و39؛ حيث يُصوِّر النص التوراتي غزوًا واسع النطاق تتعرض له أرض “إسرائيل” من قبل قوى أجنبية بقيادة “جوج” من أرض “ماجوج”.

في هذه الرواية، تبرز كيانات شرق أوسطية بصفتها أطرافًا رئيسية في هذا التحالف، أبرزها “فارس”، وهو الاسم التاريخي لإيران.

إيران في قلب نبوءة جوج ومأجوج

تقوم التأويلات الإسرائيلية الحديثة بربط “فارس” بإيران المعاصرة، ويتم تقديمها ليس فقط باعتبارها تهديدًا نوويًا أو خصمًا جيوسياسيًا، بل كعنصر محوري في سيناريو “نهاية الأزمنة” الذي تعتقد به بعض الأوساط الدينية داخل إسرائيل.

ويذهب بعض مفسري التوراة من التيارات المتشددة إلى اعتبار إيران “العدو التاريخي” الذي سيتزعم الحملة الكبرى ضد إسرائيل، في تحالف يضم قوى دولية وإقليمية أخرى مثل روسيا وتركيا، تمهيدًا لـ”المعركة الفاصلة”.

توظيف سياسي وديني للرموز العقائدية

هذه القراءة للنصوص التوراتية لا تقف عند حدود الخطاب الديني، بل تمتد إلى دوائر السياسة والإعلام الإسرائيلي، حيث يجري توظيف هذه النبوءات في التحليل السياسي والإستراتيجي، بل وفي تهيئة الرأي العام الإسرائيلي لاحتمال اندلاع صراع كبير مع إيران.

وتستخدم هذه الرواية لتبرير سياسات متشددة تجاه طهران، بما في ذلك الاستعدادات العسكرية، والهجمات الجوية على مواقع إيرانية في سوريا، وتصعيد الحرب السيبرانية، وكل ذلك في سياق يُقدَّم كجزء من معركة مصيرية تتعدى الحسابات الواقعية إلى المعتقدات اللاهوتية.

تحذيرات من عسكرة النبوءات

يُحذِّر مراقبون من خطورة توظيف المرويات الدينية في الخطاب السياسي، معتبرين أن هذا التوجه قد يؤدي إلى عسكرة الدين، وإضفاء طابع “مقدس” على قرارات الحرب، ما يجعل التسويات الدبلوماسية أكثر تعقيدًا. كما أن تصوير إيران ككيان “شيطاني” في المخيال الإسرائيلي المدعوم بنبوءات نهاية العالم، قد يعزز مناخ الكراهية، ويدفع نحو خيارات أكثر تطرفًا.

ورغم البعد الديني لهذه الرواية، فإنها تتقاطع مع المعطيات السياسية الراهنة، حيث تنشط إيران في ملفات إقليمية كبرى، وتدعم قوى تعتبرها إسرائيل تهديدًا مباشرًا لأمنها، كحزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والحوثيين في اليمن. وتُستخدم هذه التحركات كأدلة واقعية يتم إسقاطها على السياق التوراتي.

وفي المقابل، يرى باحثون أن هذه النبوءات تخدم هدفًا مزدوجًا من جهة تعبئة الشارع الإسرائيلي، ومن جهة أخرى تأطير المواجهة مع إيران ضمن سياق روحي يُكسبها “شرعية دينية” في نظر فئات واسعة من الجمهور.

اقرأ أيضًا: صراع الخميني وخامنئي.. من ينتصر في معركة المرشد القادم لـ إيران؟

زر الذهاب إلى الأعلى