نتنياهو يتجه لفرض الحكم العسكري على قطاع غزة.. ماذا يعني ذلك؟

في تطور لافت يعكس تحولات جوهرية في استراتيجية إسرائيل تجاه قطاع غزة، كشف عضو الكنيست عن حزب الليكود، موشيه سعدة، عن خطة “سياسية-عسكرية” تقضي باحتلال القطاع بالكامل وفرض حكم عسكري مباشر، مع إقامة “مدينة إنسانية” جنوب القطاع وتشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين إلى الخارج.

تصريحات سعدة جاءت تزامنًا مع تلميحات من وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بشأن اقتراب “خطوة استراتيجية كبيرة” في القطاع.

ماذا يعني فرض الحكم العسكري على غزة؟

الحكم العسكري يعني عمليًا أن الجيش الإسرائيلي، وليس حكومة مدنية أو هيئة إدارة انتقالية، سيتولى إدارة الشؤون العامة في غزة: من الأمن والمعابر، إلى الخدمات والغذاء والاقتصاد، بما يعيد القطاع إلى مرحلة ما قبل انسحاب عام 2005، حين كانت إسرائيل تُحكم قبضتها على القطاع عبر قواتها العسكرية ونظام إداري صارم.

وبحسب سعدة، فإن “نتنياهو يتجه إلى احتلال قطاع غزة من أقصاه إلى أقصاه”، وإنشاء منطقة إنسانية قرب رفح، لتوزيع الغذاء و”تشجيع الهجرة”، على حد تعبيره.

واعتبر أن “لا خيار آخر الآن سوى فرض السيطرة العسكرية الكاملة” على القطاع، منتقدًا إدخال المساعدات الإنسانية، واصفًا إياها بأنها “مزعزعة للاستقرار”.

لماذا الآن؟

وفق تقارير فإن التحول في الموقف الإسرائيلي يأتي بعد فشل المفاوضات المتكررة مع حركة حماس، وعدم تحقيق نتائج في مسار صفقة تبادل المحتجزين.

ووفق ما صرح به وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش، فإن “فرص نجاح الصفقة الحالية تكاد تكون معدومة”، مشيرًا إلى أن إدخال المساعدات إلى غزة “لن يستمر طويلاً”، واصفًا المرحلة بأنها “أعتاب الحسم”.

ويرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه ضغطًا داخليًا متزايدًا من عائلات الجنود الأسرى ومن المعارضة، قد باتت تميل إلى سيناريو الحسم العسكري الكامل، خاصة مع غياب رؤية سياسية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب.

خيار التهجير

لم تتوقف تصريحات سعدة عند حدود الاحتلال، بل تعدّتها إلى اقتراحات مثيرة للجدل بشأن تهجير سكان القطاع. فقد قال: “نحتاج إلى الغزو، إلى السحق، إلى فرض حصار شامل دون طعام أو مساعدات”، مدعيًا أن الضغط الكامل سيؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى.

وزعم سعدة أن دولًا أوروبية، وعلى رأسها فرنسا، قد تكون مستعدة لاستيعاب سكان غزة، قائلاً بسخرية: “مكالمة واحدة إلى ماكرون، الذي يحب الغزيين كثيرًا، كفيلة بجعله يأخذ المليون الآخر إليه… وسنساعده على توطينهم في باريس”.

ما التداعيات المحتملة لفرض الحكم العسكري على غزة؟

عودة الاحتلال المباشر ستُعد كارثة إنسانية في فلسطين ، وسيُنظر إليها كنكسة سياسية ضخمة، وقد تدفع باتجاه تصعيد شعبي أو فصائلي أوسع.

أما على المستوي الإقليمي فإن سيناريو الحكم العسكري سيثير توترًا مع مصر والأردن، ويضع الدول العربية أمام اختبار سياسي وأخلاقي.

أما على المستوي الدولي فإن أي تحرك من هذا النوع سيقابل بإدانة واسعة، حتى من حلفاء إسرائيل التقليديين في الغرب، كما سيضع إسرائيل أمام مسؤوليات قانونية كاملة عن أكثر من مليوني فلسطيني.

وفي الداخل الإسرائيلي فرغم حماسة اليمين المتطرف، فإن فرض الحكم العسكري يعني توريط الجيش في إدارة يومية لحياة المدنيين، وهو ما كانت إسرائيل تتجنبه منذ انسحابها من غزة.

هل تتجه إسرائيل فعلًا نحو الاحتلال الكامل لقطاع غزة؟

الخطاب الرسمي في إسرائيل ما زال متحفظًا بشأن إعلان نوايا الاحتلال الكامل، إلا أن كثافة التصريحات من وزراء وأعضاء كنيست بارزين خلال الأيام الأخيرة توحي بأن هذا السيناريو لم يعد مستبعدًا، بل بات يُهيأ له سياسيًا وإعلاميًا.

ويري مراقبون أنه مع انسداد الأفق السياسي، وتزايد الضغوط الداخلية، وتراجع فاعلية الحلول الجزئية، يبدو أن حكومة نتنياهو تضع على الطاولة خيارات أكثر تطرفًا، من بينها إعادة فرض الحكم العسكري على قطاع غزة، في خطوة قد تعيد إشعال المنطقة بأكملها.

اقرأ أيضا.. إمبوكس يضرب إفريقيا.. حكاية فيروس يهدد العالم من القارة السمراء

زر الذهاب إلى الأعلى