هدنة من طرف واحد بالسودان.. هل تلتزم الدعم السريع بوقف إطلاق النار في الفاشر؟

أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، الموافقة على هدنة إنسانية لمدة أسبوع في مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور.

تعاني الفاشر من وضع إنساني كارثي. إلا أن قوات “الدعم السريع” لم تصدر أي تعليق رسمي، في مؤشر يُنذر بإمكانية انهيار الهدنة قبل أن تبدأ.

البرهان يوافق على هدنة الفاشر والدعم السريع يصعّد

بحسب بيان صادر عن مجلس السيادة، فقد “وافق البرهان خلال اتصال هاتفي مع غوتيريش على إعلان هدنة إنسانية في الفاشر، لدعم جهود الأمم المتحدة وتسهيل وصول المساعدات إلى الآلاف من المدنيين المحاصرين”.

في المقابل، واصلت قوات الدعم السريع القصف المدفعي على الفاشر الجمعة، وفق ما أفاد به شهود عيان لـ”الشرق”، في أول هجوم منذ أسبوعين من الهدوء النسبي. ولم تعلن القوات، بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، موقفها الرسمي من الهدنة أو ما إذا كانت قد تلقت الدعوة الأممية.

معاناة المدنيين… مجاعة وعظام بشرية

بحسب تقارير فإن الأوضاع الإنسانية في الفاشر بلغت حافة الكارثة، وسط شهادات صادمة من النازحين الذين وصفوا أوضاعهم بأنها مأساوية، فيما تسود المخيمات مشاهد “لأجساد أنهكها الجوع والنزوح والنار”.

وتُعد معسكرات النزوح المحيطة بالفاشر، وعلى رأسها مخيم زمزم، من أكثر المناطق تضرراً، إذ يضم المخيم وحده أكثر من 75 ألف نازح، معظمهم من الذين فروا من مناطقهم الأصلية منذ اندلاع الصراع في دارفور عام 2003.

 الفاشر تحترق

في أبريل الماضي، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه العميق من تدهور حقوق الإنسان في الفاشر ومحيطها، مشيرًا إلى تصاعد الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.

وحسب تقارير المفوضية، فقد قُتل أكثر من 129 مدنياً خلال أيام قليلة فقط في أبريل، وتحديداً في الفاشر وأم كدادة ومخيم أبو شوك. أما الحصيلة الإجمالية للضحايا في شمال دارفور منذ 10 أبريل، فتجاوزت 481 قتيلاً، مع تقديرات غير رسمية تفيد بأن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير.

رمزية الفاشر… لماذا تشتعل المدينة؟

تُعتبر مدينة الفاشر ذات أهمية استراتيجية وتاريخية كبيرة، بوصفها مركز إقليم دارفور السياسي والثقافي، ومقراً تقليدياً للسلاطين، أبرزهم السلطان علي دينار.

كما أنها مدينة تجارية كبرى تربط غرب السودان بليبيا وتشاد، وهو ما يجعلها هدفاً مهماً في الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

الحكومة الجديدة… خطوة سياسية أم وهم دبلوماسي؟

خلال الاتصال الهاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن البرهان تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء، في خطوة وصفها غوتيريش بأنها “تقدم مهم نحو استكمال مسار الانتقال المدني”.

إلا أن مراقبين يشككون في جدية هذه الخطوة في ظل استمرار الحرب والدمار، وعدم وجود مؤشرات واضحة على قبول الدعم السريع بها، أو توافق القوى المدنية على شخصية إدريس، لا سيما بعد تعثر عدة مبادرات انتقالية سابقة.

هل تصمد هدنة البرهان في الفاشر؟

في ظل غياب موقف رسمي من قوات الدعم السريع، واستمرار الهجمات على المدينة، تبقى هدنة البرهان من طرف واحد، ما يضع مصداقية الأمم المتحدة على المحك، ويثير تساؤلات حول جدوى الدعوات الدولية دون آلية إلزام واضحة لوقف النار.

ويرى محللون أن نجاح أي هدنة إنسانية في السودان، وبخاصة في الفاشر، يرتبط بوجود ضمانات دولية، وتوافق واضح بين أطراف النزاع، وليس بإعلانات أحادية تعجز عن وقف المدافع وإنقاذ الجوعى.

اقرأ أيضا

إسرائيل تقرّ بفشل اغتيال خامنئي.. كيف نجا مرشد إيران من عملية التصفية الجسدية؟

زر الذهاب إلى الأعلى