هل تُحاول إيران اغتيال ترامب؟ طهران المُصابة تُشكل تهديدًا عالميًا

في خضمّ تصاعد التوترات العالمية، أثار الكشف عن إطلاق موقع إلكتروني إيراني حملة تمويل جماعي بقيمة 40 مليون دولار لمكافأة أيّ شخص يُغتال دونالد ترامب، قلقًا بالغًا في الأوساط الأمنية.
بالنسبة للرئيس – الذي نجا بالفعل من مُحاولتي اغتيال – قد لا يُخيفه هذا التهديد، لكن خبراء الأمن ومراقبي الشرق الأوسط يُحذّرون من الاستخفاف به.
نمط من الانتقام: تاريخ إيران في الانتقام.
لطالما أبدت جمهورية إيران الإسلامية استعدادها للانتقام بلا هوادة ممن تُعتبرهم خصومًا لها. وتُعزّز السوابق التاريخية المخاوف بشأن جدّية التهديد الحالي.
بعد أن أسقطت البارجة الحربية الأمريكية يو إس إس فينسينز طائرة ركاب إيرانية عن طريق الخطأ عام 1988، مما أسفر عن مقتل 290 مدنيًا، صُدم العالم مجددًا بعد أشهر بتفجير طائرة بان آم الرحلة 103 فوق لوكربي، اسكتلندا، والذي أسفر عن مقتل 270 شخصًا.
ورغم إدانة عميل ليبي في نهاية المطاف بتهمة لوكربي، أعرب كثيرون – بمن فيهم عائلات الضحايا – عن شكوكهم في أن الهجوم كان في الواقع انتقامًا إيرانيًا لمأساة فينسينز. وهذا يؤكد نمطًا متبعًا: فمبدأ الانتقام يحمل أهمية ثقافية وسياسية عميقة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويؤثر على الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
مؤامرات الاغتيال ومنطق الانتقام
ارتبطت أجهزة الاستخبارات الإيرانية مرارًا وتكرارًا بمحاولات اغتيال مسؤولين غربيين بارزين. ومن بين المستهدفين المزعومين بالمؤامرات الإيرانية جون بولتون، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لترامب، والذي طالما دعا إلى تغيير النظام في طهران.
كما يجادل المحلل نايجل جونز، فإن سجل طهران الحافل بدعم الهجمات الإرهابية ضد الغرب واسع النطاق ومستمر، مما لا يترك مجالاً للشك في مصداقية التهديدات الموجهة لترامب.
وقد أدت الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية – التي أمر بها ترامب باستخدام قنابل خارقة للتحصينات – إلى تأجيج الأعمال العدائية. ويحذر الخبراء من أن نظام الملالي، الذي تضرر بالفعل جراء الهجمات ووقف إطلاق النار الذي يعتقد البعض في إسرائيل أنه سابق لأوانه، قد يكون أكثر خطورة الآن من أي وقت مضى.
الانتقام في الشرق الأوسط والحسابات السياسية
مفهوم الانتقام ليس جديداً في المنطقة. فكثيراً ما يُستشهد بمحاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب عام 1993 أثناء زيارته للكويت على أنها لحظة محورية شكلت السياسة الأمريكية اللاحقة تجاه العراق.
يشير المحللون إلى أن الغضب والنتائج غير المحسومة الناجمة عن مثل هذه الأحداث قد دفعت، في بعض الأحيان، إلى اتخاذ قرارات عسكرية كبرى – مثل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 في عهد جورج دبليو بوش.
هذا السياق بالغ الأهمية لفهم سبب عدم اعتبار التهديدات الإيرانية الحالية مجرد خطاب أو حرب نفسية. وكما يلاحظ نايجل جونز، فإن “الدولة المجروحة والمستاءة أخطر على العالم من أي وقت مضى”.
اقرأ أيضًا.. تسريب بيانات للجيش البريطاني يعرض 100 ألف أفغاني للخطر
دوافع طهران ومخاطرها
يؤكد محللو الأمن أن النظام في طهران مدفوع بعوامل أيديولوجية وبراغماتية. إن فقدان الهيبة، وتضرر البنية التحتية النووية، وتزايد الاضطرابات الداخلية، يدفع القيادة الإيرانية للبحث عن سبل لإعادة تأكيد قوتها.
يتفق الخبراء على أن التهديد الذي يواجهه ترامب – وربما مسؤولون غربيون آخرون – يجب أن يُنظر إليه بأقصى درجات الجدية، لا سيما بالنظر إلى تاريخ إيران العملياتي واستعدادها للعمل خارج حدودها.