هل دخل الاقتصاد المصري في نفق الركود التضخمي؟.. خبراء يجيبون
القاهرة (خاص عن مصر) – تشهد مصر في الوقت الراهن تحديات اقتصادية ملحوظة، ترتبط بشكل كبير بالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، ورغم المخاوف من تأثير هذه الأحداث على الاقتصاد المصري، إلا أن هناك آراء متباينة حول مدى خطورة الوضع الحالي.
ففي الوقت الذي يؤكد فيه بعض الخبراء أن الاقتصاد المصري يقترب من الدخول في نفق الركود التضخمي، يشير آخرون إلى أن الاقتصاد ما زال قادرًا على الصمود وتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
مفاهيم الركود التضخمي وتأثيراته
والركود التضخمي هو حالة اقتصادية نادرة تجمع بين ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، ويحدث ذلك عندما تتزايد الأسعار بشكل مستمر بينما ينخفض النشاط الاقتصادي، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للمستهلكين، وتراجع الطلب على السلع والخدمات.
ويواجه الاقتصاد المصري حاليًا ارتفاعًا في مستويات التضخم، ما جعل بعض الخبراء يحذرون من دخول الاقتصاد في مرحلة الركود التضخمي.
ووفقًا لتقارير مختلفة، يعاني الاقتصاد المصري من زيادة مستمرة في الأسعار، خصوصًا أسعار المواد الخام والسلع الأساسية، مما يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين، وبالإضافة إلى ذلك، تسهم الأزمات العالمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية في زيادة أسعار الطاقة والغذاء، مما يفاقم من التضخم ويزيد من الصعوبات التي تواجهها الأسواق الناشئة مثل مصر.
اقرأ أيضًا: اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
الاقتصاد المصري يقاوم
وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، عضو مجلس الأعمال المصري الكندي، في حديثه لـ “خاص عن مصر” إلى أن الاقتصاد المصري لم يدخل بعد في مرحلة الركود التضخمي، موضحًا أن مصر، مثلها مثل العديد من الاقتصادات العالمية، تواجه تحديات اقتصادية ناجمة عن التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً في ظل الحرب الدائرة في غزة ولبنان.
وأكد خطاب أن المخاوف من مواجهة مباشرة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي تزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي، إلا أن الاقتصاد المصري لا يزال يقاوم ولم يتأثر بشدة حتى الآن.
وأضاف أن ارتفاع أسعار منتجات الطاقة عالميًا يضع مصر أمام تحديات اقتصادية كبيرة، لكنه يرى أن الأوضاع قد تتحسن قريبًا، خصوصًا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي دعت إلى وقف إطلاق النار الفوري بعد اغتيال قائد حركة المقاومة حماس يحيى السنوار.
أثر التوترات السياسية على الاقتصاد المصري
وتعد قناة السويس أحد أهم شرايين الاقتصاد المصري، حيث تلعب دورًا حيويًا في حركة التجارة العالمية، ومع تصاعد التوترات السياسية في المنطقة، تأثرت حركة الملاحة بشكل طفيف، وهو ما أشار إليه خطاب، لكنه أكد أن الاستقرار في المنطقة سيسهم بشكل كبير في استعادة القناة لدورها الطبيعي، مما سينعش العمل في المنطقة الاقتصادية للقناة.
وبالإضافة إلى ذلك، أكد خطاب على أهمية الاستثمارات الخليجية في دعم الاقتصاد المصري خلال هذه الفترة الصعبة، حيث أشار إلى أن الاستثمارات السعودية، التي تصل قيمتها إلى 13 مليار دولار، إلى جانب الاستثمارات الإماراتية، تمثل دفعة قوية للاقتصاد المصري، وتعزز من فرص تحقيق انتعاشة اقتصادية في الفترة القادمة.
وتوقع أن يشهد الاقتصاد المصري قبل ديسمبر المقبل تحسنًا ملحوظًا في الوضع الاقتصادي، خاصة مع توقيع اتفاقيات تعاون جديدة.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
الحلول الممكنة لتجاوز التحديات الاقتصادية
ولمواجهة هذه التحديات الاقتصادية، يتطلب الأمر تطبيق حزمة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
وأحد الحلول الرئيسية التي يوصى بها هو تحسين كفاءة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في ظل تقلبات الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثل الطاقة والغذاء.
كما يجب على الحكومة المصرية اتخاذ تدابير لدعم الفئات الأكثر تضررًا من التضخم، من خلال توفير برامج دعم اجتماعي تهدف إلى تعزيز القوة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود.
وفي هذا السياق، يعتبر استقرار أسعار الطاقة وتوفير دعم للسلع الأساسية من الخطوات الحيوية التي يمكن أن تحد من تأثير التضخم على المواطن المصري.
وعلى المستوى الدولي، تحتاج مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الدول الخليجية والإفريقية، حيث تمثل هذه الدول حاليًا الشريك الاقتصادي الأكثر أهمية لمصر.
اقرأ أيضًا: بقوة الشمس.. مشروع مصري عملاق لتطوير إنتاج الألومنيوم بالطاقة النظيفة
التعاون مع الخليج وإفريقيا
وتحدث خطاب عن أهمية التعاون الاقتصادي مع دول الخليج، مشيرًا إلى أن مصر لا تحتاج حاليًا إلى التعاون مع أوروبا التي تعاني من انكماش اقتصادي، بل ينبغي التركيز على بناء شراكات قوية مع الدول التي تربطها بها علاقات اقتصادية واجتماعية قوية.
ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها مصر حاليًا، إلا أن هناك مؤشرات على قدرة الاقتصاد المصري على تجاوز هذه المرحلة، ومع استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة، تبقى الحاجة إلى تطبيق سياسات اقتصادية فعالة ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ويبقى الأمل معقودًا على استثمارات الدول الخليجية والتعاون الإقليمي، إضافة إلى اتخاذ خطوات فعالة للحد من تأثير التضخم ودعم الفئات المتضررة، مما يمكن أن يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في المستقبل القريب.