هل يُشعل الذكاء الاصطناعي فتيل الحرب النووية؟.. تحذيرات دولية من خطر يقترب بصمت

يحذر الخبراء من أن تزايد المخزونات النووية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، والتطوير غير المقيد للذكاء الاصطناعي، قد يُشعل صراعا عالميا عرضيا.
ووفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، المرجع العالمي الأبرز في أبحاث الأسلحة النووية، تحذيرا صارخا من مخاطر الذكاء الاصطناعي التي تفاقم خطر الصراع النووي.
وفي أحدث تقييم له، أشار المعهد إلى أن التقارب بين تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة وتوسع الترسانات النووية يسرع من خطر اندلاع حرب نووية غير مقصودة.
معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام يحذر من دور الذكاء الاصطناعي في التصعيد النووي
وأكد دان سميث، مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، على التداعيات الخطيرة لهذا التحول التكنولوجي، قائلا: “أحد عناصر سباق التسلح القادم سيكون السعي إلى اكتساب ميزة تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي والحفاظ عليها، سواء للأغراض الهجومية أو الدفاعية”.
وفي الوقت الذي يُقر فيه بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز مراقبة الالتزام بالمعاهدات النووية، إلا أنه حذر من أن “التبني المتهور” لهذه التكنولوجيا قد يؤدي إلى تقويض الاستقرار الدولي.
سرعة القرار وخطر الخطأ.. أزمة الذكاء الاصطناعي في زمن الأزمات
ويتمثل جوهر قلق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في قدرة الذكاء الاصطناعي على ما أسماه “تسريع عملية اتخاذ القرار في وقت الأزمات” إذ يمكن أن تؤدي السرعة الزائدة إلى أخطاء فادحة في التقدير، لا سيما في الأوضاع الجيوسياسية عالية المخاطر.
وأوضح سميث أن الذكاء الاصطناعي قد يمكن الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية من اتخاذ قرارات سريعة – غالبا دون الوضوح أو التفكير الكامل اللازمين لمنع سوء التواصل أو سوء التفسير.
وقال: “تُسرّع التقنيات الجديدة عملية اتخاذ القرارات في الأزمات، ولكن هناك أيضا خطر اندلاع حرب نتيجة سوء التواصل أو سوء الفهم أو حتى حادث تقني”.
ويعكس هذا التحذير مخاوف متزايدة لدى محللي الأمن العالمي من أن الأنظمة العسكرية الآلية أو المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تُفسر موقفا ما خطأ على أنه عدائي، مما يؤدي إلى تصعيد – قد يصل إلى حد الرد النووي.
المشهد النووي العالمي.. سباق تسلح أكثر تعقيدًا وخطورة
وتُبرز أحدث أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) اتجاها مقلقا. فقد ارتفعت ترسانة الصين النووية من 500 إلى 600 رأس حربي في عام واحد فقط، مما يظهر وتيرة نمو المخزونات العالمية.
وفي غضون ذلك، توشك معاهدة الحد من الأسلحة المتبقية بين الولايات المتحدة وروسيا على الانتهاء، ما يُنذر بغياب آليات الرقابة والردع.
وعلّق سميث على هذا التوجه قائلا: “المؤشرات واضحة أن سباق تسلح نووي جديد في طريقه للانطلاق”، لكنه نبّه إلى أن هذا السباق لن يكون شبيهاً بما شهده العالم في الحرب الباردة، بل “أكثر تنوعًا وتعقيدًا وخطورة”.
الشرق الأوسط.. ساحة تصعيد تتحدى معايير منع الانتشار
وتمتلك تسع دول حاليا أسلحة نووية. من بين هذه الدول، خمس دول – الصين، وفرنسا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا – موقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.
ومع ذلك، لم توقع الهند وباكستان قط، بينما سحبت كوريا الشمالية توقيعها قبل إجراء تجارب نووية. ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل، التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي، تمتلك حوالي 90 رأسا نوويا، لكنها لم تعترف بها رسميا قط.
وتشتعل التوترات بشكل خاص في الشرق الأوسط، حيث تخوض إسرائيل وإيران مواجهة عسكرية خطيرة. وأصبحت إيران، التي اتُهمت منذ فترة طويلة بالسعي لامتلاك أسلحة نووية، مجددا محور قلق عالمي.
خطاب ترامب يُصعّد الأزمة الإيرانية الإسرائيلية
ووسط هذا التصعيد، أدلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتصريحات نارية قد تزيد من حالة الغليان. فقد دعا عبر منشور على منصة “تروث سوشيال” إلى إخلاء العاصمة الإيرانية طهران، قائلا: “لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي… على الجميع إخلاء طهران فورا!”.
وجاءت هذه الدعوة عقب تقارير عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أربعة آخرين في هجوم إسرائيلي استهدف مدينة كاشان وسط إيران.
وفي حين سرت شائعات عن محاولة أمريكية لفرض وقف إطلاق النار بين الجانبين، نفى ترامب هذه الادعاءات، مؤكدا أن مغادرته لقمة مجموعة السبع “لا علاقة لها بوقف إطلاق النار”، ملمحا إلى أن هناك ما هو “أكبر من ذلك بكثير”.
اقرأ أيضا.. شلل رقمي يهز قلب إيران.. أكبر هجوم إلكتروني يشعل جبهة جديدة في الحرب مع إسرائيل
ودعا قادة العالم في القمة إلى خفض التصعيد، واصفين إيران بأنها “مصدر عدم استقرار”، مع تأكيدهم على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
عصر جديد من المخاطر
ويُظهر تحذير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، مقترنا بتزايد الاحتكاك الجيوسياسي، صورة مقلقة. فمع تزايد المخزونات النووية، وتفكك المعاهدات الدولية، ودخول الذكاء الاصطناعي ساحة المعركة، تتزايد احتمالات التصعيد غير المُدروس.
وكما حذر دان سميث، فبدون الحذر والتعاون العالمي، قد يتجه العالم نحو بيئة تهديد نووي “أكثر خطورة وتنوعا” من أي وقت مضى.