«واحد منا».. طالبان تحتضن الجولاني زعيم المتمردين السوريين
القاهرة (خاص عن مصر)- تستمر العلاقات المعقدة لطالبان مع مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية في التطور، مع إعلان حديث من قبل أعضاء المجموعة يشيرون فيه إلى زعيم المتمردين السوريين أحمد الشرع، الذي قاد فصيل هيئة تحرير الشام، باعتباره “واحدًا منا”.
وفقا لتقرير نشرته سكاي نيوز البريطانية، يسلط هذا البيان، الذي أدلى به مسؤولون من طالبان لمراسلة صحيفة صنداي تايمز الرئيسية كريستينا لامب، الضوء على الولاءات المتغيرة والخطوط الضبابية في الصراعات الجارية في الشرق الأوسط.
صعود أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام
برز أحمد الشرع، المعروف باسمه الحربي، أبو محمد الجولاني، باعتباره الزعيم الفعلي لسوريا بعد أن نجحت مجموعته، هيئة تحرير الشام، في الإطاحة ببشار الأسد من السلطة.
وبحسب التقرير، لطالما صنفت القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، هيئة تحرير الشام، وهي فرع من تنظيم القاعدة، على أنها منظمة إرهابية.
وعلى الرغم من ارتباطاته السابقة بعناصر جهادية متطرفة، فإن تصرفات الشرع الأخيرة ــ العودة إلى اسمه عند الولادة ــ فسرها المحللون على أنها محاولة لإبعاد نفسه عن خلفيته المتطرفة وتقديم صورة أكثر اعتدالاً.
أعرب الشرع عن طموحاته لتشكيل حكومة شاملة في سوريا بعد انهيار النظام، وهو التصريح الذي يثير تساؤلات حول نواياه الحقيقية والاتجاه المستقبلي للمشهد السياسي المتقلب في سوريا.
اقرأ أيضًا: أخبار حرب أوكرانيا.. كوريا الشمالية تشارك بقوة وكييف تضرب منشآت نفطية روسية
دعم طالبان للشرع: تحالف مثير للاهتمام
تحدثت كريستينا لامب في برنامج Sunday Morning مع تريفور فيليبس عن تجربتها المباشرة من الدوحة، حيث التقت بأعضاء من طالبان. ويقال إن هؤلاء الأعضاء اعتبروا الشرع “واحداً منا”، وهو ما يشير إلى ارتباط أعمق بين طالبان وزعيم المتمردين السوريين.
يُعد احتضان طالبان للشرع أمراً ملحوظاً، بالنظر إلى صعود الجماعة المضطرب إلى السلطة في أفغانستان. وتستمر حركة طالبان، التي واجهت إدانة دولية بسبب معاملتها القاسية للنساء والقيود المفروضة على حقوق الإنسان، في السعي إلى إقامة تحالفات مع الفصائل المسلحة في مختلف أنحاء المنطقة.
وتثير رؤى لامب أسئلة بالغة الأهمية حول العلاقات المتطورة بين الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط، وخاصة مع سعي حركة طالبان إلى تعزيز نفوذها بعد استيلائها على أفغانستان في عام 2021. ويشير هذا الارتباط بين الشرع وطالبان إلى رؤية مشتركة، ربما توحدها جذورهما الإيديولوجية ومعارضتهما للنفوذ والتدخل الغربي.
مستقبل غير مؤكد لسوريا: هل يسود الاستقرار؟
لقد ترك سقوط نظام الأسد سوريا في حالة محفوفة بالمخاطر. ويظل المحللون منقسمين حول ما إذا كان هذا سيجلب الاستقرار الطويل الأجل إلى المنطقة.
تشير كريستينا لامب إلى أنه في حين يصعب التنبؤ بالنتيجة، إلا أن هناك أملاً في حقيقة أن الانتفاضة نفذها الشعب السوري نفسه. وقد تشير هذه الطبيعة الشعبية للتمرد إلى تحول نحو عصر سياسي جديد في سوريا، وهو العصر الذي قد يجلب قدراً أعظم من تقرير المصير للبلد الذي مزقته الحرب.
ولكن السؤال يظل مطروحاً حول ما إذا كانت قيادة الشرع سوف تعزز مستقبلاً سلمياً وشاملاً، أو ما إذا كانت سوف تؤدي إلى المزيد من التشرذم والعنف، وخاصة في ضوء علاقاته بجماعات مثل القاعدة والحركة الجهادية الأوسع نطاقاً.
منظور المجتمع الدولي
على الرغم من مزاعم الشرع بأنه يريد حكومة أكثر شمولاً، فإن المجتمع الدولي يظل حذراً. وكما يوضح رفض طالبان المستمر للاعتراف بحقوق الإنسان الأساسية في أفغانستان، فإن أي تحول نحو الحكم من جانب الجماعات ذات الإيديولوجيات المتشددة العميقة الجذور يُقابَل بالتشكك.
من المرجح أن تخضع علاقات الشرع بتنظيم القاعدة ومحاولاته الأخيرة لوضع نفسه كزعيم أكثر اعتدالاً للتدقيق من جانب الغرب، لأن أي اعتراف محتمل بقيادته من شأنه أن يزيد من تعقيد الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
هل الشرق الأوسط متغير؟
إن العلاقة المتنامية بين طالبان وأحمد الشرع هي شهادة على التحالفات المتغيرة باستمرار والمشهد الجيوسياسي المعقد في الشرق الأوسط. في حين قد يرى البعض أن الإطاحة بالأسد انتصار للسوريين، فإن مستقبل البلاد لا يزال غير مؤكد.
ما زال من غير الواضح ما إذا كان دعم طالبان للشرعة سيؤدي في نهاية المطاف إلى استقرار سوريا أو ترسيخ الانقسامات الطائفية. ومن الواضح أن هذه الديناميكيات المتغيرة بين القوى الإقليمية من المرجح أن يكون لها آثار طويلة الأمد على الشرق الأوسط الأوسع.